من أي القلوب قلبك ؟


الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، وبعد : 
فإن القلب هو وعاء الأعمال ، وهو الموجّه والمخطّط والمتصرّف ، وهو محل المعارف ، به يعرف العبد ربّه ومولاه ، وأسماءه وصفاته ، وبه يتدبر آياته الشرعية والكونية ، وهو المطية التي يقطع بها العبد سفر الآخرة ،جعله الله محلَّ نظره من عباده كما قال صلى الله عليه وسلم : " إن الله لا ينظر إلى أجسادكم ولا إلى صوركم ، ولكن ينظر إلى قلوبكم " رواه مسلم
 
ولهذا كان صلاح القلب وسلامته واستقامته رأس كل خير ، وسبب كل فلاح في الدنيا والآخرة ، كما أن فساده وقسوته رأس كل شر ، وسببكل ضياع .والقلب كالجسد ، فهو يصح ويمرض ، ويجوع ويشبع ، ويسعد ويشقى ، ويكسى ويعرى ، وكل ذلك بحسب نوع المؤثرات التي تحيط به ، ولهذا كانت 
 
 القلوب ثلاثة :
 
الأول :  
 
القلب السليم : وهو الذي تمكَّن فيه الإيمان ، وأصبح عامراً بحب الله ورسوله ، وهو الذي سَلِمَ من كل شهوة تخالف أمر الله ونهيه ، ومن كل شبهة تعارض خبره ، وهو الذي لا ينجو يوم القيامة إلا من أتى الله به ، كما قال تعالى : " يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم " . 
الثاني  :  
 
القلب المريض : وهو الذي غزته الشبهات والشهوات حتى شغلته عن حب الله ورسوله ، فأصبح معتلاً فاسداً ، وهو قلب له حياة وبه مرض ، وهو لما غلب منهما ، إن غلب عليه مرضه التحق بالقلب الميت ، وإن غلبت عليه صحته التحق بالقلب السليم .

 
الثالث : 
 
القلب الميت : وهو ضد الأول ، فلا حياة فيه ، وصاحبه لا يعرف ربَّه ، ولا يعبده بأمره وما يحبه ويرضاه ، بل هو واقف مع شهواته ولذاته ، منقاد لها ، أعمى يتخبط في طريق الضلالة ، إن أحب أو أبغض فلهواه ، وإن أعطى أو منع فلهواه ، فهواه مقدِّم عنده على رضا مولاه. 

تعليقات